تحتل الصحة النفسية للعاملين وتأثيرها على كفاءة العمل أهمية كبيرة حيث يوجد ارتباط وثيق بينهما، فالصحة النفسية تؤثر إلى حد كبير على الأداء العام للموظفين والعاملين في أي منظمة أو مؤسسة، ولا شك أن الضغوط والتحديات اليومية التي تواجه الكثيرون سوف تؤثر على الصحة النفسية بشكل سلبي قد ينعكس أثره على انخفاض كفاءة العاملين وإنتاجيتهم وأدائهم الوظيفي، ولذلك يجب تجنب الوقوع في مثل هذا الخطأ الفادح الذي يمكن تفاديه بسهولة عن طريق تعزيز الصحة النفسية في بيئة العمل والبحث عن أهم الوسائل للتخلص من الضغط النفسي والتوتر الناتج عن الاحتراق الوظيفي أو بيئة العمل السامة.
الصحة النفسية للعاملين وتأثيرها على كفاءة العمل
تعتبر الصحة النفسية دون مبالغة هي المِقوَد الحقيقي للإنسان، والدافع الذي يحثه دائمًا على السير قدمًا والتطور باستمرار، وللصحة النفسية جوانب عديدة عاطفية واجتماعية وبدنية وعقلية، فهي تؤثر على كل الوظائف الحيوية للإنسان بداية من التفكير والإدراك إلى الشعور ثم التصرفات والسلوكيات.
وكلما كانت الصحة النفسية للفرد مستقرة وفي حالة جيدة كان ذلك الفرد أكثر قدرة على العمل والإنتاج والتفكير بإيجابية وأكثر قدرة أيضًا على إتخاذ القرارات الصحيحة والسليمة.
والعكس صحيح إذا كانت الصحة النفسية للفرد ضعيفة أو مهزوزة فإنه سيعاني من الكثير من المتاعب الجسمانية والنفسية والاجتماعية والمهنية كما ستنخفض قدرته على الأداء الوظيفي بشكل ملحوظ.
قد يهمك أيضًا: كيف ادير حوار ناجح وشيق مع الآخرين
المخاطر النفسية في بيئة العمل
تنشأ المخاطر النفسية في بيئة العمل نتيجة إلى الضغوط والتحديات وعدم التنظيم والإدارة الجيدة لمؤسسات العمل وأقسامها المختلفة وقد تكون بيئة العمل غير محفزة أو غير داعمة للعاملين أو الموظفين ما يؤدي إلى الشعور بالروتين والملل وتباطؤ اتخاذ القرارات.
وبالتالي تحدث المخاطر النفسية في بيئة العمل والتي تتمثل في الشعور بعدم الرضا والتهميش والافتقار إلى روح الإبداع والابتكار وهذا يؤثر بالطبع على الصحة النفسية للعاملين وينعكس ذلك على مستوى الإنتاجية والأداء الوظيفي بالسلب.
تأثير الصحة النفسية للعاملين على كفاءة العمل |مثال من الواقع
حتى نفهم مدى تأثير الصحة النفسية للعاملين على كفاءة العمل والأداء الوظيفي، يمكننا أن نتناول سويًا هذا المثال من الحياة اليومية:
لنفترض أنك تعمل الآن في شركة تقنية متخصصة في البرمجيات وليكن اسمها (س) وهذه الشركة تضم ما يزيد عن 200 موظف وموظفة ما بين مطوري برامج وتطبيقات ومصممي جرافيك ومهندسي It ومديري مشاريع.
الشركة (س) تعمل في سوق كبير وتنافسي إلى أبعد الحدود لذلك تقوم بمراجعة الإحصائيات الخاصة بمستوى تقدمها في العمل ومعدل إنتاجها سنويًا.
لكن الشركة في الآونة الأخيرة سجلت تراجعاً ملحوظًا في الإنتاجية كما رصدت زيادة كبيرة في معدلات التغيب عن العمل بين الموظفين.
وعندما قامت الشركة بدراسة أسباب تغيب الموظفين عن العمل والتراجع في مستوى الإنتاجية والكفاءة، اكتشفت أن نسبة كبيرة من موظفي الشركة يعانون من الضغوط النفسية الشديدة.
والتوتر والاكتئاب بسبب ساعات العمل الطويلة والمتواصلة داخل الشركة، وضيق المواعيد أو ما يعرف بـ Deadlines الخاص بتسليم المشاريع، إلى جانب الإجهاد في بيئة العمل، وعدم التعاون أو التحفيز.
كل هذه الأسباب كانت من أهم العوامل المؤثرة على الصحة النفسية للعاملين وبالتالي كانت سبب أساسي في تغيبهم عن العمل ونقص أدائهم الوظيفي وتراجع إنتاجية الشركة.
ما هو الحل إذًا؟
هنا قررت الشركة التدخل السريع والبحث عن حل للأزمة وتنفيذ عدد من المبادرات والإجراءات الإصلاحية التي يمكن من خلالها تعزيز الصحة النفسية للعاملين ومحاربة المخاطر النفسية في بيئة العمل وقد شملت قرارات الشركة ما يلي:
1- تقديم خدمات الاستشارة النفسية
قررت الشركة (س) التعاقد مع عدد من مدربي اللايف كوتش والأخصائيين النفسيين لتوفير الجلسات الاستشارية السرية للموظفين والعاملين داخل الشركة التي تساعدهم على التخلص من الضغوط والتحديات وتحسين أدائهم الوظيفي بالإضافة إلى تحسين الصحة النفسية للعاملين.
2- تنظيم الورش التدريبية
عندما فكر مسؤولي الشركة كيف تحقق الراحة النفسية في العمل قرروا تنظيم الورش التدريبية فهي واحدة من أهم العوامل المؤثرة على الصحة النفسية للعاملين حيث تساعدهم على العمل بذكاء ومرونة وجهد أقل كما تدربهم على تقنيات إدارة الوقت بشكل سليم وإدارة الضغوط والأزمات في بيئة العمل والتغلب عليها.
3- توفير مساحات للاسترخاء
ومن القرارات التي اتخذتها الشركة (س) لتحسين بيئة العمل توفير وتخصيص بعض المساحات للموظفين والعاملين للاستراحة والاسترخاء وممارسة بعض الأنشطة البسيطة التي تساعد على تجديد الطاقة واليقظة الذهنية.
4- تقسيم العمل على فترات
من الإجراءات التي ساعدت على تخفيف الضغط على الموظفين تقسيم العمل على فترات زمنية بالإضافة إلى منح وقت كافٍ لإنجاز المشاريع وتسليمها مما ساهم في انخفاض معدل التوتر بين الموظفين والعاملين وساعدهم على العمل بتركيز وفاعلية أكبر.
النتائج:
بعد مرور 6 أشهر فقط على تنفيذ تلك الإجراءات والمبادرات لاحظت الشركة (س) تحسن كبير في مختلف الجوانب حيث شمل هذا التحسن ما يلي:
- ارتفاع بنسبة 20% وزيادة في إنتاجية الموظفين الذين أصبحوا قادرين على العمل بكفاءة أكبر وتركيز أعلى.
- انخفاض بنسبة 70% وتراجع في معدل غياب الموظفين عن العمل ما أدى إلى تحسن ملحوظ في الأداء العام للشركة.
- ارتفاع المعنويات وتحسن الصحة النفسية للموظفين بعد شعورهم بالرضا والراحة النفسية.
- تحول الشركة من بيئة عمل سلبية إلى بيئة عمل أكثر تعاون وإيجابية.
كيف تحقق الراحة النفسية في العمل؟
لا تتحقق الراحة النفسية إلا من خلال تعزيز الصحة النفسية في بيئة العمل وهناك أكثر من طريقة لتعزيزها تتضمن ما يلي:
توفير الدعم النفسي
يعد الدعم النفسي من استراتيجيات وطرق تعزيز الصحة النفسية في بيئة العمل حيث يساعد الموظف على التخلص مما يشغل فكره ويسبب له الضغوط العصبية والنفسية والتفكير السلبي.
قد يهمك أيضًا: 4 خطوات للتغلب على الاحتراق الوظيفي والانهيار المهني
التواصل مع مدربي اللايف كوتش
أثبتت الدراسات والإحصائيات التي تم إجرائها على بعض الشركات في سوق العمل أن تقديم جلسات تدريب مهني ونفسي عن طريق مدربين اللايف كوتش ساعد في تحقيق النتائج التالية:
- ساعد الموظفين على التغلب على الضغوط وتحسين أدائهم الوظيفي، وبالتالي ساعد ذلك على زيادة إنتاجية الكثير من الشركات التي قامت بهذه التجربة ومن هنا يتضح أن التواصل مع مدربي اللايف كوتش له عظيم الأثر والفوائد في تعزيز تفاعل الموظفين مع بعضهم البعض وتحسين صحتهم النفسية وأدائهم الوظيفي والمهني.
- يساعد التواصل مع مدربي اللايف كوتشينج على تعزيز كفاءة العاملين والموظفين.
- يساهم أيضًا في خلق الجو الإيجابي والتناغم بين فريق العمل.
- يقوم اللايف كوتش بتدريب الموظفين على التفكير بإيجابية وتسليط الضوء على نقاط القوة المتوفرة لديهم مما يعزز قدرتهم وكفاءتهم على العمل.
- يقدم البرامج التي من شأنها تعزيز التعاون بين رؤساء الإدارات وأفراد فريق العمل ما يؤدي إلى خلق جو من التناغم والتآلف في بيئة العمل.
كسر الروتين
من أهم العوامل المؤثرة على الصحة النفسية للعاملين هي الروتين والنظام التقليدي الذي يسير خلاله العمل ولذلك من المهم كسر ذلك الروتين عن طريق إضافة بعض وسائل الترفيه للتخلص من التوتر والاكتئاب وضغوط العمل النفسية.
كما يمكن تخصيص بعض الأماكن للاستراحة والتفاعل بين زملاء العمل أو تناول مشروب أو ممارسة نشاط معين، ويمكن أيضًا تنظيم رحلات للموظفين ومنحهم إجازات للتخلص من الضغط وأعباء العمل.
أهمية الصحة النفسية للعاملين وتأثيرها على كفاءة العمل
وختامًا لموضوعنا نشير إلى أن الصحة النفسية للإنسان بوجه عام تعتبر من الأمور الضرورية التي لها أهمية كبيرة ولذا يجب أن تكون في المقدمة حتى يتسنى للجميع إقامة وبناء علاقات إيجابية والتعاون بين الزملاء والرؤساء داخل مؤسسات العمل وتحقيق التوازن النفسي في الحياة المهنية والشخصية وعلى مختلف الأصعدة.